نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب في الخليج... و"مجاعة" نتنياهو في غزّة - شوف 360 الإخباري, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 02:10 صباحاً
عشية الجولة الخليجية للرئيس الأميركي، بدءاً من السعودية ثم قطر والإمارات، كان لافتاً تسريب أن واشنطن لم تعد تطالب/ أو تشترط تطبيع الرياض علاقتها بإسرائيل لإحراز تقدّم في محادثات التعاون النووي المدني. وعلى رغم أن التخلّي عن هذا الشرط يبدو "تنازلاً" أميركياً، استبقت الرياض أي ضغط أو إلحاح في شأن التطبيع بتأكيد صارم لعدم الاعتراف بإسرائيل من دون تفعيل "حلّ الدولتين" لإقامة دولة فلسطينية. واستطاعت الديبلوماسية السعودية الهادئة أن تقنع واشنطن بأن الظروف الحالية ليست مناسبة لـ"التطبيع" وسط سلوكٍ إسرائيلي يزداد إجراماً وتوحّشاً. أما إعلان إسرائيل أنها طلبت "ضمانات" بالنسبة إلى تخصيب اليورانيوم في السعودية فلم يعد مهمّاً، لأن واشنطن نفسها تُخضع أي اتفاق نووي مع السعودية أو أي دولة أخرى لقانون الطاقة الذرّية الأميركي الذي يحدّد معايير من بينها تقييد التخصيب.
في المحادثات التمهيدية لجولة دونالد ترامب الخليجية لمس أركان إدارته ضغط استمرار الحرب على غزّة، بل الاستعداد الإسرائيلي لتوسيعها، على الجو الإقليمي، فيما تبقى أولوية ترامب أن يحقق خلال الجولة أكبر المكاسب الاستثمارية. ومع أن كلاً من الدول الخليجية الثلاث أكدت علناً، وبالأرقام، استعدادها لإبرام صفقات مع الولايات المتحدة، فإن أوساط الرئيس ظلّت تردّد أنه يتطلّع الى الإعلان عن حصد "ثلاثة تريليونات" دولار في ثلاثة أيام، لكن مهما تبلغ الأرقام المعلنة فإنها لن تحقّق هدفاً غير واقعيٍ كهذا. وربما ظنّ ترامب أن "إعلاناً مهمّاً" - كما وصفه - باعتماد تسمية "الخليج العربي" أو "خليج العرب" بدلاً من "الخليج الفارسي" سيشكّل حافزاً يشجّع مضيفيه على توقيع مزيد من الصفقات، لكن الاعلانات والتعهّدات لا تعني تنفيذاً فورياً للصفقات، إذ أن "شراء منظومات دفاعية متطورة يستغرق سنوات، كما أن مشاريع الاستثمار العديدة المتوقعة ستكون لها جداول زمنية طويلة"، كما يفيد المحللون.
من المؤكّد أن تسمية "الخليج العربي" لها دلالة رمزية كبيرة، غير أنها جاءت في توقيت خليجي ملتبس، ويعتبر المراقبون أن أهميتها العملية ستبقى نسبية، وقد تتلاشى إذا نجحت المفاوضات في إبرام اتفاق نووي جديد وقبول طهران بـ"انفتاح" على الاستثمارات بين الولايات المتحدة وإيران، وهذان أمران غير مستبعدَين. لذلك ربما كان الاجدى لو أن ترامب خصّص "الإعلان المهم" لوقف النار واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزّة، لأن انقطاع الأغذية والأدوية والمياه والكهرباء، وكذلك استمرار المجازر اليومية وطرد السكان من مكان الى آخر، أمور لم تعد مجرد حصار بل صارت إبادة فعلية تنفّذها إسرائيل وتجاوزت فيها الولايات المتحدة دور الحليف الداعم لتكون شريكاً فعلياً... وفجأة تنبّه ترامب وفريقه إلى فظاعة ما يجري، وليس مؤكّداً أنهم تنبّهوا فعلاً أو أنهم يتظاهرون بذلك، إذ أن الوعي بما تعنيه مآسٍ كالتجويع ليس من طباعهم ما دام أن مَن يهندس جريمة المجاعة هذه هو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، بإصرار من ايتمار بن غفير وترحيب وإشادة من رئيسه بنيامين نتنياهو.
في سياق التحضير لجولة ترامب الخليجية، التي لفت الإعلام الأميركي إلى أن جانباً منها يهتم بمشاريعه الخاصة وأعمال أبنائه، يجري فجأة، أيضاً، اكتشاف الدور الخبيث لنتنياهو الذي بات متهماً بالتآمر على ترامب وبأنه "الخادم المطيع" لبتسلئيل سموتريتش، ومتهماً بأنه يخادع ترامب كما كان يفعل مع جو بايدن، وبأنه يتلاعب بأعوان ترامب للتأثير في قراراته، حتى أن مستشار الأمن القومي مايك والتز أقيل من منصبه لأنه بدا "عميلاً" لنتنياهو يدعو إلى ضربة عسكرية لإيران بدلاً من التفاوض معها كما يريد الرئيس. وفوق كل ذلك، تجاهل نتنياهو رغبة ترامب في وقف النار لإنقاذ الرهائن في غزّة، وردّ على التفاوض مع إيران بتبنّي أجندة المتطرّفين والذهاب إلى احتلال قطاع غزّة والمضي في خطوات ضمّ الضفة الغربية.
غير أن استياء ترامب من نهج نتنياهو وعصابته لم يعنِ بعد تغييراً في السياسة الأميركية المتّبعة، ليس حيال غزّة فحسب بل حيال الشرق الأوسط عموماً، وعلى رغم تسريبات بأن ترامب قد يعلن "رؤية جديدة" لسياسته أو "الاعتراف بدولة فلسطينية" إلا أن شيئاً من ذلك لم ينضج، إذ يجب أن يُستبق بوضع يصبح فيه تأثير واشنطن في قرارات إسرائيل موازياً للدعم المطلق الذي تقدمه إليها. لكن في الأثناء كان أقصى ما أمكن للمبعوث ستيف ويتكوف أن يطرحه هو هدنة موقتة لتمرير جولة ترامب، فضلاً عن استجابة اقتراح إسرائيلي بأن تتولّى شركتان أميركيتان توزيع المساعدات في غزّة، بدلاً من "الأونروا" أو برنامج الأغذية العالمي التابعين للأمم المتحدة، لكن من دون التخلّي عن خطط توسيع العمليات العسكرية وصولاً إلى الاحتلال الكامل للقطاع. على العكس يبدو نتنياهو مستاءً لأن ترامب لم يعد يروّج لخطط تهجير الفلسطينيين من غزّة.
0 تعليق