بين الورق واللوحة: أسماء مستعارة وفن حقيقي - شوف 360 الإخباري

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين الورق واللوحة: أسماء مستعارة وفن حقيقي - شوف 360 الإخباري, اليوم السبت 10 مايو 2025 08:10 صباحاً

ميرا فاضل داغر

ناضَلَ العديدُ من النّساءِ من أجلِ الحصولِ على صوتٍ في مجالات غالباً ما كانت حكراً على الرّجال، فاختبأنَ وراء أسماء مستعارة لرجال لتكونَ كلمتُهُنَّ مسموعةً وفنُّهُنَّ مرئياً، فوَجدنَ في إبداعِهِنَّ أداةً للتّمرّدِ على مجتمعٍ لم يكن يرى فيهنَّ سوى أدوار هامشيّة. 

أسماء مستعارة، أحلام متجدّدة 
في رحلة الأدبِ والفن عبر التّاريخ، كانت النّساءُ دائماً حاضرات بألوانهنّ الخاصّة، رُغم العوائق التي وُضِعَت أمامَهنَّ. في زمنٍ كان يُنظَر فيه إلى الإبداع كملكيّة ذكوريّة، قرّرت العديد من الفنّانات والكاتبات أن يتّخِذنَ مساراً مختلفاً ليتحدَّيْنَ المألوف ويحقّقنَ أحلامَهُنَّ. كانت الأسماء المستعارة هي الأداة التي استخدَمَنها لفعلِ ذلكَ والتّحرّر من قيود المجتمع ولم تكن تلكَ الأسماء مجرّد تمويه، بل كانت جسراً للعبور من الظّلّ إلى النّور، ومن الصّمت إلى الصّوت المسموع. 

من أبرز هذه الأسماء، نجدُ الكاتبة البريطانيّة ماري آن إيفانس (1880-1819) المعروفة بإسم جورج إليوت التي نشأت في إنكلترا الفيكتوريّة، وهي حقبة كانت تتميّز بالعديد من القيود الاجتماعية وخاصّةً فيما يتعلّق بمشاركة النّساء في المجالات الأدبيّة والعلميّة. 

 

ماري آن إيفانس (جورج اليوت)

ماري آن إيفانس (جورج اليوت)

 

إحدى الاقتباسات الشهيرة لجورج إليوت (ماري آن إيفانس) هي: "لم يفُت الأوان أبداً لتكونَ ما كنتَ قد تصبحُه"، وهذا يعكُس فلسفتَها في حياتها ومسيرتها الأدبيّة بشكلٍ عميق إذ كانت مُصرَّة على تحقيق ذاتِها في عالمٍ يسيطرُ عليه الذّكور. وفعلاً، أصبحت واحدةً من الأسماء الّلامعة في الأدب الانكليزي. من أشهر رواياتها " ميدل مارتش" التي نُشرت في عام 1871.

كذلك، كانت الكاتبة الفرنسيّة لوسي لوتي التي تُعرَفُ بإسم "لويس". كتبَت رواياتها وقصصاً قصيرة تحت هذا الإسم، ومن أبرز أعمالها "أغنية الغابة" الّتي نُشِرتْ في عام 1901.

ولا ننسى الفنّانة الأميركيّة جاين أوستين التي لم تستخدم اسماً مستعاراً، لكنّها واجهت تحدّيات كبيرة ككاتبة في مجتمع ذكوري. من أبرز أعمالها "فخر وتحامل" ( (pride and prejudiceالتي لا تزال تُعتبر واحدة من أعظم الرّوايات الرّومانسية في التّاريخ. 

إضافة إلى هؤلاء الكاتبات، نجدُ أيضاً بعض الرّسامات الّلواتي تظاهرنَ بأنهنّ رجال. فعلى سبيل المثال، كانت الرّسامة الهولنديّة أرتيس فورد تُعرَف باسم أرتور، وعُرِفت بأعمالِها التي تعكسُ الجمالَ الطّبيعي. كذلك كانت جورجينا كابوت الّتي عُرِفت باسم جورج رسّامة بارزة في القرن التاسع عشر، واستخدَمت اسمها المستعار لتتمكّن من المشاركة في المعارض الفنيّة والتّنافس مع رسّامين آخرين، حيثُ عُرِفَت بأعمالِها التي تمزج بين الأسلوب الكلاسيكي والتجريدي.

kaidi

وتطول اللائحة ولا تنتهي..

 

جاين أوستن

جاين أوستن

 

هنّ مهّدنَ الطّريق 
في تاريخ الفنّ والأدب، كانت الأسماءُ المستعارة جسراً عبرَت من خلالِه النساء إلى عالمٍ كان مسدوداً في وجوهِهُنّ، وكأنّهن خلَقَنَ طريقاً جديداً في غابات القواعد الاجتماعيّة التي كانت تمنعُهنّ من التّحليق. 

ففي لحظاتٍ من التّحدّي، اختارت تلك الرّوح المبدِعة أن تلبسَ قناعاً من الذّكورة لتشقَّ به طرقاً إلى النجوميّة. 

لا يمكننا أن ننكر أنّ أسماءهن المستعارة كانت بمثابةِ إصرارهنّ على أن يكون لهنّ صوتٌ مسموعٌ في هذا العالم. كانت أناملُهنّ، التي أمسكنَ بها القلمَ أو الفرشاة، تشهدُ على انتصارٍ لهنّ على البنية التّقليدية. 

ومثلما صنعنَ لأنفسهنَّ مكاناً في هذا العالم الصّعب، فَتَحنَ للأجيال التالية أبواباً جديدة للحريّة والإبداع. فقد ألهمت أعمالُهنّ النّساءَ اللّواتي جئنَ بعدهنّ للقتال من أجلِ أن يكونَ لهنّ مكانٌ يليقُ بهن في الأدب والفنّ. 

من الخفاء إلى الضّوء
أصوات هؤلاء المبدعات تهتفُ عبر الزّمن: "لن نخفيَ أنفسنا بعد الآن"، وتحوّلت اليوم هذه الكلمات إلى أغنية تُسمَع بأعلى صوت من أنحاء العالم. 

لم تعُد النساء في الأدب والفنّ يختبئنَ وراء الأقنعة أو الأسماء المستعارة، بل هنّ الآن يحتفلنَ بذواتهنَّ بكلّ قوّةٍ وفخر ويرفعنَ أصواتهنّ للتأثير في مجمتعهنَّ والعالم. 

عادت النّساء اللّواتي كنّ يتخفَّيْن خلف الأسماء المستعارة ليكونَ لهنّ اليوم وجودٌ قويّ ومؤثّر، يذكّرنَنا بأنّ تحقيقَ الحلم لا يتطلّب فقط الجرأة في السّعي نحو الطّموح، بل أيضاً القوّة في أن نكونَ على طبيعتنا ونتقبّلَ أنفسَنا كما نحن ونعيدُ كالصّدى: "نحن هنا، لن نخفيَ أنفسَنا بعد الآن!" 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق