بين حرية الجندرة والهوية الثقافية قراءة في الواقع التربوي اللبناني في ظل مبادرات وزارة التربية - شوف 360 الإخباري

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين حرية الجندرة والهوية الثقافية قراءة في الواقع التربوي اللبناني في ظل مبادرات وزارة التربية - شوف 360 الإخباري, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 11:10 صباحاً

 الباحثة الاجتماعية: أ. أكارم أبو ليلا

 

 

في خضم التخبّط السياسي الذي يطغى على المشهد اللبناني، من النزاعات البلدية والاختيارية إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة، غاب الضوء عن قضايا أساسية تُهدّد البنية الثقافية للمجتمع، ومنها مسألة "الجندرة" وتداعياتها على قطاع التربية، الذي لا يزال يحمل من التحديات ما يكفي لإثقال كاهل الدولة والمواطن على حدّ سواء.
لقد أطلق المركز التربوي للبحوث والإنماء، التابع لوزارة التربية والتعليم العالي، مشروعاً بعنوان:
"إدماج المهارات الصحية الإنجابية والنوع الاجتماعي"، بهدف تأهيل المعلّمين وتطوير المناهج، ودمج مفاهيم تُعنى بالجندر والصحة الإنجابية في البرامج التعليمية.
ورغم أن المبادرة تبدو حديثة ومواكبة للعصر من حيث الشكل، فإن مضمونها أثار جدلاً واسعاً، خصوصاً في ما يتعلق بإدخال مفاهيم تُعدّ مرفوضة دينياً واجتماعياً، سواء في المدارس الرسمية أو الخاصة.
جسّ نبض أم تغيير قسري؟
يبدو أن هذه الخطوة جاءت بمثابة جسّ نبض للرأي العام، بين مؤيّد يرى فيها تقدماً، ومعارض يتخوّف من صِدام قيمي وثقافي وديني وبيولوجي. كل ذلك يُطرح تحت عنوان "التغيير"، ولكن الوزيرة أغفلت ـ كما يرى البعض ـ حقيقة أن المجتمع اللبناني لا يزال تقليدياً في بنيته الأساسية، رغم ما يشهده من مظاهر انفتاح وتقدّم.
لبنان والتعليم: قصة نجاح وهوية
لطالما كان التعليم الرسمي في لبنان مفخرة وطنية، وكان الطالب اللبناني موضع تقدير أينما حلّ في العالم. لم نكن نُدّعي العلم، بل كنا نُثبت أننا رغم الأزمات، نكافح وننجح بفضل الإدارة الواعية والصلبة.
لذا، فإن أي تغيير تربوي يجب أن يُبنى على إصلاح متكامل، لا على إدخال مفاهيم مستوردة بشكل فجّ. فالتغيير الحقيقي يتطلّب فهما ًعميقاً لمجتمعنا، وقبولاً تدريجياً، لا صدمة تُحدث نزاعاً ينتهي إما بثورة، وإما بتسوية قسرية.
الانتقاء لا الاستيراد
نحن كمجتمع، كجيل جديد، نحمل رؤى مستقبلية، وندرك أهمية مفاهيم كـ"التربية الجنسية"، لكننا ما زلنا نواجه رفضاً مجتمعياً واسعاً لها، رغم الحاجة إليها. فالانفتاح العشوائي، والفقر، والبؤس، أنتجت ظواهر اجتماعية لا يمكن مواجهتها إلا بالتربية الواعية.
لكن ذلك لا يعني تبنّي كل ما هو وافد من دون فلترة أو انتقاء. فما يناسب مجتمعات أخرى قد لا ينسجم مع ثقافتنا وهويتنا وخصوصيتنا.
المرأة... محورية التغيير
على الوزيرة أن تدرك أن التجديد لا يعني تقليد الآخر، بل اختيار الأنسب لنا. والمرأة، بصفتها أمًّا، ومربيّة، وفاعلة سياسية، هي حجر الأساس في بناء المجتمعات. فهي تُمثّل نصف المجتمع، وتُربّي النصف الآخر، وبالتالي هي المجتمع بأسره.
الخاتمة
نأمل، من خلال تولّي امرأة لهذه الحقيبة الوزارية، أن تكون هناك رؤية إصلاحية حقيقية، قائمة على تمكين المرأة، لا في مواقع السلطة فحسب، بل أيضاً في بناء القيم وترسيخ الهوية. فالتغيير المنشود لا يبدأ بنسخ التجارب الخارجية، بل بإعادة اكتشاف ذاتنا الثقافية، وتحويلها إلى مشروع تربوي متكامل يواكب العصر من دون أن يفقد هويته.

kaidi2
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق