قانون تنظيم الفتوى.. وأئمة المساجد - شوف 360 الإخباري

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قانون تنظيم الفتوى.. وأئمة المساجد - شوف 360 الإخباري, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 08:06 مساءً

«على مدار سنوات طوال مضت عانى المصريون من فوضى الفتاوى التي يصدرها أشخاص مختبئون تحت عباءة الدين ومن غير المتخصصين، سواء أكان من خلال وسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة، أو المرئية، أم تلك المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لأي رقابة حكومية، وأصبح المجتمع المصري ملئ بآراء فقهية وفتاوى عديدة وصفت بالغريبة والشاذة عبر أشخاص يزرعون أفكارًا هدامة ومتطرفة في عقول وأذهان الشباب...»، بهذه الكلمات التي تصف الواقع الذي يعاني منه المجتمع المصري وصفًا دقيقًا صدرت اللجنة الدينية بمجلس النواب تقريرها -بالاشتراك مع الأوقاف ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية- المُقدم إلى رئيس مجلس النواب بشأن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، والذي يناقشه المجلس في جلسته العامة الأحد 11 مايو 2025. 

اللجنة الدينية بمجلس النواب في مقدمة تقريرها وضعت يدها على جذور الأزمة، وأكدت أن لدينا في مصر أزمة في الجانب الإفتائي، وصلت إلى حد الفوضى المهددة لاستقرار المجتمع وأمنه القومي، وهذه حقيقة يجب أن نعترف بها إذا أردنا أن نبدأ بداية جادة وعملية في تجديد الخطاب الديني الذي لن يتحقق إلا إذا نجحنا في القضاء على عبث الفتاوى الشاذة والمتطرفة والمحرضة على الكراهية والمنفرة من الدين.

الأزمة التي تعصف بالمجتمع في الجانب الإفتائي لها أسباب عدة؛ من أهمها أن صبية حدثاء الأسنان غير مؤهلين علميًّا وكهول أقرب إلى التطرف من الاعتدال وإلى الجهل من العلم، جميعهم ينتمون إلى التيار السلفي الوهابي هم من يتصدرون المشهد ويسيطرون على الفتوى في مصر، بل وعلى الشأن الديني كله على المستوى الشعبي.

نعم، الواقع يؤكد أن دعاة التيار السلفي باتوا هم المصدر الذي يثق العامة في أخذ الفتوى منهم؛ فمنذ الاختراق الوهابي لمصر في سبعينيات القرن الماضي والعقل الجمعي ترسخ بداخله أكذوبة بثها دعاة السلفية زعموا خلالها أن كل من ينتمي إلى المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف) هم «شيوخ السلطان» الذين لا يؤتمنون على الفتوى لأنهم يتلاعبون بالدين إرضاءً للحكام، وللأسف غيب كثير من الناس عقولهم وصدقوا هذه الأكذوبة وباتوا لا يطلبون الفتوى أو الرأي الديني إلا ممن ينتمي إلى التيار السلفي ظنًا منهم أن عناصر هذا التيار هم وحدهم الدعاة المخلصون للدين.

kaidi

والباحث عن الأدوات والعوامل التي مكنت التيار السلفي من زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع المصري وبين قيادات وجميع المنتسبين للمؤسسة الدينية الرسمية (إلا من تأخون أو تمسلف) ومن ثَمَّ النجاح في اختراق العقل الجمعي والسيطرة عليه سيطرة شبه تامة في كل ما يتعلق بالمجال الديني واستقطاب عشرات الألوف من الشباب وتفخيخ أدمغتهم بالفكر المتطرف، يجد أن أهم هذه الأدوات والعوامل هو السيطرة على المساجد واتخاذها منابر لتصدير الفتوى؛ إذ إن هذا التيار توسع على مدار العقود الأربعة الأخيرة في بناء المساجد والزوايا الصغيرة حتى يتمكن من استقطاب جميع الفئات العمرية والمجتمعية بعد استيعابهم عن طريق التواجد الدائم بين الناس المترددين على المساجد والزوايا، ومن أهم صور هذا التواجد الدائم الرد على فتاوى المستفتين بالآراء المتشددة وإقصاء ما دون ذلك من آراء.

ومع التقدم التقني في تسعينيات القرن الماضي، ومع توافر الأموال وجميع الإمكانيات، نجح التيار الوهابي أيضًا في السيطرة على المحتوى الرقمي حتى أصبحت جميع محركات البحث تجيبك عن أي سؤال ديني بآراء دعاة الوهابية دون غيرهم؛ إذن نحن أمام واقع لا يمكن تكذيبه وهو أن التيار السلفي الوهابي نجح في السيطرة دينيًا على الواقع الحقيقي، وكذا على الواقع الافتراضي.
ولأن تشخيص المرض أولى خطوات العلاج؛ فنحن الآن بحاجة إلى البدء في إصلاح أول ما أفسده عناصر هذا التيار، وهو القضاء على فوضى الفتاوى، وهذا لن يتحقق إلا إذا بدأنا من المساجد التي أئمتها هم أكثر المشتغلين بالحقل الديني احتكاكًا بالجماهير؛ فالمستفتون لا يذهبون إلى دار الإفتاء أو لجان الفتوى بمشيخة الأزهر إلا في القضايا الشائكة (وهي قليلة) وباقي الفتاوى والأسئلة (وهي الأكثر) التي يطلبون رأي الدين فيها يهرعون فيها إلى إمام المسجد، وحتى لا يُترك الأمر في الرد على السائلين والمستفتين للأهواء الشخصية تأتي أهمية قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية الذي تقدم به الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إلى مجلس الوزراء، الذي أحاله بدوره إلى مجلس النواب، ومن شأن هذا القانون في حال الموافقة النهائية عليه أن يضع الأمور في نصابها الصحيح ويقضى على فوضى الفتاوى.

وثمة أمر هام يجب الأخذ به في الاعتبار؛ وهو أن الأهم من صدور قانون ينظم إصدار الفتوى الشرعية، هو نجاح تطبيق القانون وفقًا للاحتياجات المجتمعية؛ فهذه هي الخطوة المحورية في طريق القضاء على فوضى الفتاوى، ووضع لبنة رئيسة في بناء تجديد الخطاب الديني.
ونجاح تطبيق قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية يبدأ من تأهيل أئمة المساجد التابعين لوزارة الأوقاف على إجادة صناعة الفتوى، وهذا التأهيل حدد مشروع القانون المقترح كيفيته وذلك عن طريق «إنشاء لجان للفتوى بوزارة الأوقاف وفقًا للشروط والضوابط التي تضعها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بما يضمن تحقق الأهلية والكفاءة اللازمة للفتوى في أعضاء تلك اللجان شأنهم شأن أعضاء لجان الفتوى بالأزهر ودار الإفتاء المصرية».

ومع تأهيل أئمة المساجد للمشاركة في لجان الفتوى، يجب أن تتكاتف جهود الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف في ثبر أغوار المحتوى الرقمي ومحاولة التواجد عليه بقوةٍ تجابه الأفكار المتطرفة والهدامة وتقضي على الآراء والفتاوى الشاذة والمتطرفة. وفي هذا السياق يجب أن يُعلى الجميع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، ويدركوا أن الوقت الحالي ليس وقت خلافٍ، بل هو وقت وحدة وتماسك وتقارب وعمل جماعي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق