في مشهد يفيض بالهيبة والفخر، توشّح اللواء صالح بن عواض الجابري –مدير شرطة منطقة مكة المكرمة– بأجمل لحظات العمر، وهو يُقلّد نجله “جاسر” رتبته الجديدة بعد تخرّجه من كلية الملك فهد الأمنية. لحظة امتزجت فيها معاني الإنجاز الشخصي بشموخ الوطن، وتجلّى فيها النبل العسكري حين يحتفي القائد بأحد أبنائه وقد أصبح فارسًا في ميدان العطاء الأمني.

التقيت باللواء صالح ذات يوم، وكان اللقاء درسًا في الأدب، وخُلقًا في التواضع، ورسالة في الوفاء. رجل تتجسّد فيه هامة القيادة ورجاحة العقل، تسبقه ابتسامته، ويحيطك بهيبته دون أن يتكلف، وكأنه خُلق ليمثّل الأمن كما يجب أن يُرى: احترام، وعدل، وإنسانية.

ليس غريبًا على من يحمل على كتفيه أمانة منطقة مقدّسة كـمكة المكرمة، أن يكون بهذا الحضور البهي. فمنذ تولّيه مهام إدارة شرطة العاصمة المقدّسة، لمس الجميع أثره في الميدان: حزم في المواقف، وحكمة في الإدارة، وإنجازات تصدّرت الصحف، لكنها كانت دومًا تُنسب لفريق العمل، فهكذا يكون القادة الكبار.

واليوم، يزدان هذا السجل المشرّف بمشهد إنساني عظيم: أب يُقلّد ابنه رتبة، لكنّه في ذات اللحظة يُقلّده روح المسؤولية، ويودعه ميادين العطاء، وكأنما يقول له: “كن للوطن كما كنتُ أنا، بل أفضل”.

نُبارك للواء صالح هذا الفخر، ونهنئ الملازم جاسر بهذا المشهد الذي لا يُنسى، ونبارك لمكة أن من يحميها رجلٌ بهذه القيمة.

في وطن يصنع القادة، جاءت هذه اللحظة لتكون عنوانًا للفخر، ومشهدًا خالدًا في الذاكرة الوطنية.