في واقعة تعكس تصاعد الرفض الداخلي للحرب الإسرائيلية المستمرة، أُصدر حكم بالسجن لمدة خمسة أيام على جندي احتياط في الجيش الإسرائيلي بعد رفضه الانخراط في العمليات العسكرية التي تُنفذ في الضفة الغربية المحتلة. وبرر الجندي موقفه بأنه لا يؤمن بشرعية هذه العمليات ولا يعتبر الحرب على غزة قانونية، وهو ما سلط الضوء على تصدعات جديدة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

رفض فردي يعكس احتجاجًا أوسع

رفض الجندي القتال لم يكن معزولًا، بل يأتي في سياق موجة من الاعتراضات الداخلية داخل إسرائيل على استمرار الحرب. فقد شهدت الأيام الماضية توقيع آلاف الإسرائيليين، من جنود احتياط ومدنيين، على رسالة موحدة تطالب بوقف الحرب مقابل إعادة الأسرى المحتجزين في غزة. ومن بينهم طيارون وعناصر في وحدات النخبة، في مشهد غير مسبوق منذ سنوات.

عمليات عسكرية هي الأكبر منذ 2002

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة في شمال الضفة الغربية منذ بداية عام 2025، خاصة في مخيمات جنين وطولكرم ونابلس وطوباس. وتشير التقارير إلى أن هذه العمليات تُعد الأوسع منذ الاجتياح الكبير عام 2002، وأسفرت عن دمار واسع النطاق، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من مناطقهم.

مطالب بوقف الحرب وصفقة تبادل الأسرى

في موازاة العمليات العسكرية، تعالت الأصوات داخل إسرائيل للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى تضمن عودة الإسرائيليين المحتجزين في غزة، لا سيما بعد تقارير عن تحركات أمريكية بهذا الشأن. وتحدثت تقارير عن مفاوضات غير مباشرة جرت بين الولايات المتحدة وحماس لتأمين إطلاق سراح أسرى أمريكيين، مما أثار استياء القيادة الإسرائيلية التي اعتبرت نفسها مستبعدة من هذه المحادثات.

دعوات إلى العصيان المدني ضد حكومة نتنياهو

على الصعيد السياسي، طالبت شخصيات بارزة في المعارضة الإسرائيلية بتنظيم عصيان مدني احتجاجًا على ما وصفوه بـ”سوء إدارة الحرب” من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ويتهم المعارضون نتنياهو بإطالة أمد الحرب لأهداف سياسية، ما يعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر ويزيد من عزلة إسرائيل الدولية.

جولة خليجية مرتقبة لترامب وسط الأزمة

في تطور موازٍ، يستعد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للقيام بجولة خليجية تشمل السعودية والإمارات وقطر خلال الفترة من 13 إلى 15 مايو الجاري. وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة توترًا متصاعدًا بسبب الحرب على غزة، وتشير توقعات إلى أن ترامب سيحاول استخدام نفوذه للدفع نحو تهدئة أو تسوية محتملة للأزمة الإنسانية والسياسية هناك.

تحليل: رفض الجنود قد يعيد تشكيل الوعي العسكري

من منظور أعمق، يثير رفض الجنود الإسرائيليين للانخراط في الحرب تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد المؤسسة العسكرية لتلقي الأوامر دون مساءلة أخلاقية أو قانونية. ورغم أن السجن لمدة خمسة أيام لا يُعد حكمًا مشددًا، إلا أن رمزيته تحمل دلالات على هشاشة التوافق الداخلي حول أهداف الحرب، وقد تمثل بداية لمرحلة جديدة من الاحتجاجات المؤسسية.

في ظل تزايد الرفض الشعبي والعسكري داخل إسرائيل، ومع توسع العمليات العسكرية في الضفة الغربية، تبدو الحرب على غزة محاطة بجدران من التساؤلات الأخلاقية والسياسية. وإذا ما استمرت هذه الأصوات المعارضة بالتصاعد، فقد نشهد تحولًا جذريًا في مواقف الداخل الإسرائيلي تجاه استمرار الحرب وصيغة الحل النهائي في المنطقة.