أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلاً واسعًا بعدما أعلن عبر منصته “تروث سوشيال” عزمه على إعادة تشغيل سجن الكاتراز التاريخي في ولاية كاليفورنيا، في خطوة تهدف إلى تشديد العقوبات على المجرمين المتكررين ومرتكبي الجرائم العنيفة.

عودة “الصخرة” إلى الواجهة: ما الذي يريده ترامب؟

بحسب منشور ترامب، فإن السجن سيُعاد فتحه بعد أكثر من ستة عقود من الإغلاق، ويُعاد بناؤه وتوسيعه ليكون رمزًا حقيقيًا لما وصفه بـ “القانون والنظام والعدالة”. وذكر ترامب أن المجرمين المتسلسلين و”حثالة المجتمع” يجب ألا يكون لهم مكان في شوارع أمريكا، داعيًا إلى سجنهم في منشآت رادعة مثل الكاتراز.

لماذا الكاتراز؟ ولماذا الآن؟

يقع سجن الكاتراز على جزيرة معزولة في خليج سان فرانسيسكو، وكان يُعد من أكثر السجون أمنًا واستحالة للهروب خلال فترة تشغيله بين 1934 و1963. من أبرز نزلائه السابقين آل كابوني وجورج كيلي، وقد أصبح لاحقًا رمزًا ثقافيًا في السينما الأمريكية من خلال أفلام مثل الصخرة والهروب من الكاتراز.

ترامب أوضح أن هذه الخطوة تأتي في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع معدلات الجريمة، قائلاً إن على الولايات المتحدة أن تكون أكثر صرامة مع من وصفهم بـ “السفاحين”، في ظل ما اعتبره تساهلاً من بعض القضاة مع الجريمة المنظمة والمهاجرين غير الشرعيين المتورطين في أنشطة إجرامية.

التحديات اللوجستية والقانونية

ورغم أن إعلان ترامب أثار تفاعلًا شعبيًا، إلا أن هناك العديد من العوائق أمام تنفيذه. فالجزيرة تُدار حاليًا من قبل دائرة المتنزهات الوطنية وتُعد من المعالم السياحية الوطنية، كما أنها تتطلب بنية تحتية ضخمة لإعادة تشغيل السجن الذي أُغلق في الأصل بسبب التكلفة العالية والصيانة الصعبة.

كما أن تنفيذ القرار سيتطلب تعاونًا من عدة وكالات، أبرزها مكتب السجون الفيدرالي ووزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي، وهو ما أمر به ترامب ضمن خطته لإعادة فتح المنشأة.

سياق سياسي وأمني أوسع

يأتي هذا الإعلان في وقت تتزايد فيه الانتقادات من المحافظين للسياسات الجنائية الحالية التي يرونها متساهلة، لا سيما مع قضايا ترحيل المهاجرين المرتبطين بعصابات إجرامية مثل ترين دي أراغوا. وفي هذا السياق، هاجم ترامب قاضيًا فيدراليًا عيّنه بنفسه، بعد أن رفض طلب الحكومة باستخدام قانون الأعداء الأجانب لترحيل أعضاء مشتبه بهم من هذه العصابة.

وفي إشارة أخرى إلى تصعيده في هذا الملف، كان ترامب قد أعاد مؤخرًا فتح مركز الاحتجاز في خليج غوانتانامو، ليشمل المهاجرين المجرمين ضمن المحتجزين.

ما بين الرمز والواقع

رغم أن إعادة فتح الكاتراز تبدو بالنسبة للبعض مجرد خطوة رمزية، إلا أنها تعكس توجه ترامب لاستثمار الرموز التاريخية في حملته للعودة إلى البيت الأبيض. فهو يعوّل على شعبية الخطابات المتشددة في مواجهة الجريمة، وهو ملف يلقى صدى كبيرًا في أوساط الناخبين المحافظين.

إعادة فتح سجن الكاتراز لا تزال فكرة مثيرة للجدل تواجه العديد من العقبات القانونية واللوجستية، لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على التباين الحاد في الرؤى السياسية حول كيفية التعامل مع الجريمة. وبينما يرى ترامب في “الصخرة” رمزًا للحزم، يرى آخرون فيها بقايا من ماضٍ قاسٍ لا يتماشى مع حقوق الإنسان المعاصرة.