البابا لاوون الرابع عشر: انتخاب تاريخي يفتح صفحة جديدة في الفاتيكان - شوف 360 الإخباري

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البابا لاوون الرابع عشر: انتخاب تاريخي يفتح صفحة جديدة في الفاتيكان - شوف 360 الإخباري, اليوم الخميس 8 مايو 2025 11:16 مساءً

أنطوان خليل عون

في لحظة مفصلية من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، انتخب مجمع الكرادلة الكاردينال الأميركي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديدًا، متخذًا اسم لاوون الرابع عشر، في إشارة رمزية إلى مواصلة نهج الإصلاح في الكنيسة. هذا الانتخاب، الذي تم بسرعة لافتة، يُعبّر عن رغبة الكرادلة في اختيار شخصية جامعة، تمتلك الخبرة اللاهوتية، والخلفية الرعوية، والقدرة على التواصل مع عالم يشهد تحولات غير مسبوقة.
انتخاب سريع ورسالة واضحة
انتخاب البابا الجديد استغرق أقل من 48 ساعة، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرًا جيداً  في ظل التحديات التي تواجه الكنيسة من انقسامات داخلية، وتراجع الحضور الكاثوليكي في أوروبا، وتصاعد أزمات أخلاقية وسياسية معقدة. انتخاب بريفوست مثّل رغبة في الحفاظ على خط الإصلاح الذي بدأه البابا فرنسيس، ولكن مع مزيد من التوازن والانفتاح الهادئ. 
من هو البابا لاوون الرابع عشر؟
ولد في شيكاغو في العام 1955، وانتمى إلى رهبنة القديس أوغسطينوس، وهي رهبنة تتميّز بطابعها الجماعي، وتقوم على فكرة المحبة كمبدأ موحِّد للحياة الرهبانية والخدمة، ترتكز روحانيتها على فكر القديس أغسطينوس، الذي شدد على التواضع، والبحث الدائم عن الحقيقة، والتوفيق بين العقل والإيمان. هذه الخلفية الفكرية والروحية طَبعت شخصية البابا الجديد بميل واضح إلى الاعتدال، والمصالحة، والبحث عن وحدة الكنيسة وسط التنوع.
أثر أعوام خدمته في البيرو
بريفوست خدم أكثر من 15 عامًا في أبرشية تشيكلايو في البيرو، حيث كان أسقفاً في منطقة يغلب عليها الفقر والتهميش. هناك، احتكّ عن قرب بتيارات لاهوت التحرير، الذي لُقّب باللاهوت الأحمر، نسبة إلى الفكر الماركسي، والتي نشأ في أميركا اللاتينية منذ ستينيات القرن الفائت، والذي دعا إلى إعادة قراءة الإنجيل على ضوء
فقر الفقراء والمظلومين.
وعلى الرغم من أنه لم يكن من رموز هذا اللاهوت، الذي واجهه الفاتيكان بقوة، فإن خدمته الطويلة في تلك البيئة صقلت حسه الاجتماعي، ورسّخت فيه قناعة بأن الإنجيل لا يمكن فصله عن العدالة. هذا التأثير يظهر في مواقفه الواضحة من قضايا مثل الهجرة، السلام، والعدالة الاجتماعية، إذ يؤمن بأن الكنيسة يجب أن تكون صوتًا للذين لا صوت لهم، لا مجرد مؤسسة روحية منعزلة عن معاناة الناس.
نهج إصلاحي متزن… لا شعبوي ولا عقائدي
البابا لاوون الرابع عشر هو امتداد لفكر البابا فرنسيس من حيث الروح، لكنه أكثر براغماتية وتنظيمًا، لكونه عرف كيف يوفق بين دراسته الرياضيات والحق الكنسي والفلسفة واللاهوت، وهو ما يفتح الباب أمام إصلاحات مدروسة وعميقة بدل القرارات الرمزية أو المثيرة للجدل.
في ملف الهجرة، دافع دائمًا عن المهاجرين، وبخاصة الوافدين من أميركا اللاتينية، واعتبرهم جزءًا من نسيج الكنيسة المعاصرة.
في ما يخص الحروب، دان العنف "العدمي" ودعا إلى دور فاعل للكنيسة في بناء السلام من خلال العدالة.
في قضايا المثليين، لم يغيّر الموقف الكنسي العقائدي، لكنه تبنّى لهجة إنسانية غير إقصائية.
أما في موضوع رسامة النساء كهنة، فلا يُعرف عنه تأييد لهذه الخطوة، لكنه مؤمن بضرورة إشراك النساء في شكل أوسع في القرار الكنسي، خصوصًا في التعليم والقيادة الرعوية.
كيف سيتعامل مع إدارة ترمب المحتملة؟
مع عودة دونالد ترمب إلى صدارة المشهد السياسي الأميركي، يُنتظر من البابا الأميركي الأول أن يتعامل مع هذا الواقع بشيء من الدهاء الدبلوماسي. فبريفوست يعرف جيدًا طبيعة المجتمع الأميركي وانقساماته، وقد سبق له أن عبّر عن رفضه لسياسات الإقصاء والتمييز، وخصوصًا في ما يخص المهاجرين واللاجئين. لكن في الوقت ذاته، لا يُتوقع أن يخوض مواجهة مباشرة مع الإدارة الأميركية، بل سيعتمد على الحوار الهادئ والتأثير البعيد عن الصدام.
ماذا يمثّل انتخابه؟
يحمل انتخاب لاوون الرابع عشر رمزية مزدوجة:
هو أول بابا أميركي، ما يعكس تحوّل الكنيسة نحو عالمية حقيقية
وهو إصلاحي معتدل، قادر على الربط بين تقاليد الكنيسة القديمة وتحديات العصر الحديث
في زمن تكثر فيه الأسئلة وتقل فيه اليقينيات، يأتي البابا لاوون الرابع عشر كصوت عقلاني، نابع من عمق روحي وتجربة ميدانية طويلة. فهل ينجح في ترميم الجسور داخل الكنيسة؟ وهل يستطيع قيادة الفاتيكان وسط عواصف السياسة والهوية والتغيير؟ 
إن المستقبل لناظره قريب.

kaidi2
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق