في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، أجرى السفير الأميركي الجديد لدى إسرائيل، مايك هاكابي، زيارة رسمية إلى الضفة الغربية المحتلة، حيث التقى بممثلين عن المستوطنين الإسرائيليين هناك، ما أثار جدلاً واسعًا حول الموقف الأميركي الجديد من القضية الفلسطينية والاستيطان.

تفاصيل الزيارة ومكانها

بحسب ما أوردته صحيفة يسرائيل هيوم، فإن السفير هاكابي قام صباح الأربعاء بجولة في موقع “شيلوه” الأثري، الواقع وسط الضفة الغربية، ثم عقد اجتماعًا رسميًا مع مجلس المستوطنات، بمبادرة من رئيس المجلس، يسرائيل غانتس. وتعد هذه المرة الأولى التي يشارك فيها سفير أميركي في لقاء رسمي مع ممثلين عن مستوطنات الضفة الغربية في “يهودا والسامرة”، كما تسميها إسرائيل.

مغزى الرسالة السياسية

الخطوة لاقت ترحيبًا واسعًا من المستوطنين، الذين اعتبروها “رسالة تاريخية” تعبر عن دعم لحق اليهود في هذه الأراضي. وذكرت الصحيفة العبرية أن هذه الزيارة تمثل أول تحرك علني ورسمي من قبل مسؤول أميركي في المناطق المصنفة دوليًا كأراضٍ محتلة، ما يُعد تغيرًا جوهريًا في السياسة الدبلوماسية المعتادة للولايات المتحدة في المنطقة.

خلفية السفير: دعم مطلق للاستيطان

مايك هاكابي ليس جديدًا على المشهد السياسي المثير للجدل؛ إذ سبق له التصريح في عدة مناسبات بأنه لا يعترف بمصطلح “الضفة الغربية”، بل يفضل استخدام المصطلح التوراتي “يهودا والسامرة”. كما عبّر في لقاءات إعلامية سابقة، من بينها مقابلة مع شبكة CNN عام 2008، عن قناعته بعدم وجود “شعب فلسطيني”، مؤكدًا أن الهوية الفلسطينية هي مجرد “أداة سياسية”، على حد وصفه.

موقف الفلسطينيين من الزيارة

من جانبهم، اعتبر الفلسطينيون أن الزيارة تمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الذي يعتبر الضفة الغربية أرضًا محتلة، وأكدوا أن “تل شيلو” – الاسم العربي للمنطقة التي زارها هاكابي – تقع على أراضٍ فلسطينية تابعة لقرية قريوت، وأنه حتى بداية الثمانينات كانت تسكنها عائلات فلسطينية قبل أن تُصادرها السلطات الإسرائيلية لصالح المستوطنات.

خلفية سياسية: رفض أمريكي لإقامة دولة فلسطينية

تأتي هذه الزيارة في ظل تزايد التصريحات من قِبل مسؤولين إسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الرافضين لأي توجه نحو إقامة دولة فلسطينية، والمطالبين بضم الضفة الغربية رسميًا إلى إسرائيل. ويأمل المستوطنون بأن يستغل هاكابي نفوذه وعلاقاته المقربة مع الإدارة الأميركية السابقة، خاصة الرئيس دونالد ترامب، لتعزيز هذا التوجه.

الاستنتاج: تحوّل في الدور الأميركي أم مناورة سياسية؟

رغم أن الولايات المتحدة لطالما ادعت التزامها بحل الدولتين كإطار لتسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، إلا أن هذه الزيارة قد تمثل بداية مرحلة جديدة من الانحياز الفعلي نحو اليمين الإسرائيلي، خاصة في ظل تراجع الضغوط الدولية على إسرائيل بشأن الاستيطان، وتصاعد العدوان المستمر على غزة والضفة الغربية.

العديد من المحللين يرون أن التحركات الأميركية الأخيرة، مثل زيارة هاكابي، قد تقوض ما تبقى من الثقة بين واشنطن والفلسطينيين، وتدفع بالمشهد السياسي إلى مزيد من الجمود أو حتى التصعيد.