نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تَعالوا ٱنظُروا إِنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت!" - شوف 360 الإخباري, اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025 11:05 صباحاً
الاب ايلي قنبر
kaidi
في العلائق البشريّة يُمكن لنا ان نتعرَّف إلى انفُسِنا وإلى بعضنا بعضًا. وهذا ما ربحَتهُ المرأة السامريّة التي التقَت بيسوع على العَين. إذ يُمكن القَول إنّ العين البشريّة هيَ من أهمّ قنَوات التواصل حيثُ تلعب دورًا رئيسيًا في التَلاقي بين النساء والرجال، سواء في بناء العلاقات الشخصيّة، أو في تفسير لُغة الجسد والتواصل غير اللَّفظيّ. و يُعتبَر التواصل البصَريّ بين البشر عاملَ بناء ثقة في ما بينهُم، وتعبيرًا عن المشاعر التي يتبَادَلونها.
كذلك كانت العَين التي يَقصدها الناس لإرواء عطشِهم مطرحًا لتَتلاقى عُيونُهم وقلُوبُهم بآن، فيتَوحَّدون... وقد يتزوَّجون من بعد.
من هُنا، يُمكن الاستثمار في لقاء يسوع والمرأة السامريّة، لفَهم ما دار بينَهما وما نتَج عن ذلك اللِّقاء القويّ والحاسِم.
تقول رِواية يوحنّا للإنجيل إن "كانَت هُناكَ عينُ يَعقوب[ في مَدينَةٍ مِنَ ٱلسّامِرَةِ تُسَمّى سيخارُ، بِقُربِ ٱلقَريَةِ ٱلَّتي أَعطاها يَعقوبُ لِيوسُفَ ٱبنِه.]. وَكانَ يَسوعُ قَد تَعِبَ مِنَ ٱلمَسيرِ، فَجَلَسَ عَلى ٱلعَينِ، وَكانَ نَحوُ ٱلسّاعَةِ[ اي ظُهرًا بتَوقيت ذلك الزمان.] ٱلسّادِسَة. َفَجاءَتِ ٱمرَأَةٌ مِنَ ٱلسّامِرَةِ تَستَقي ماءً، فَقالَ لَها يَسوع: *أَعطيني لِأَشرَب*". الرجُلُ كان عطشانًا بعد مسيرٍ طويل، والمرأةُ الحاملةُ جرّة جاءت، بدَورِها، لتَستَقي كعادتها، بالطبع. ومن البديهيّ أن يدور بينهما حديث، انطلق من حاجةِ الاثنين إلى الماء. غير أنّ الحديث أخذ منحى مختلفًا، حيثُ أثارت معه مسألة الحُكم[ سالتهُ :"كَيفَ تَطلُبُ أَن تَشرَبَ مِنّي وَأَنتَ يَهودِيٌّ وَأَنا ٱمرَأَةٌ سامِرِيَّةٌ؟ وَٱليَهودُ لا يُخالِطونَ ٱلسّامِريّين".(يوحنّا 4: 9).] اليَهوديّ العُنصُريّ القاضي بعدَم مُخالَطة السامريّين. ليَتجاوز يسوع موضوع شُرب المياه إلى وهْبها عطيّة[ "لَو كُنتِ تَعرِفينَ عَطِيَّةَ ٱللهِ وَمَنِ ٱلَّذي قالَ لَكِ أَعطيني لِأَشرَبَ، لَكُنتِ تَسأَلينَهُ فَيُعطيكِ ماءً حَيًّا" (يوحنّا 4: 12).] لم تَخطُر على بال بشَر[ "مَا لَمْ تَرَهُ عَيْن، ولَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُن، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَر، هذا ما أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَه" (1 قورنتس 2: 9).
]:"ٱلماءُ ٱلَّذي أُعطيهِ .. يَصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبُعُ إِلى ٱلحَياةِ ٱلأَبَدِيَّة". ما أثار حفيظة المرأة: "يا سَيِّدُ، إِنَّهُ لَيسَ مَعَكَ ما تَستَقي بِهِ وَٱلبِئرُ عَميقَةٌ، فَمِن أَينَ لَكَ ٱلماءُ ٱلحيّ؟" وتابعَت التحدّي، فذهبَ يسوع معها إلى أبعد حدود:
- "إِذهَبي وَٱدعي رَجُلَكِ، وَهَلُمّي إِلى هَهُنا".
- "إنّه لا رجُلَ لي".
- " قَد أَحسَنتِ حَيثُ قُلتِ: إِنَّهُ لا رَجُلَ لي. ... وَٱلَّذي مَعَكِ ٱلآنَ لَيسَ رَجُلَكِ. هَذا قُلتِهِ بِٱلصِّدق".
- "يا سَيِّدُ، أَرى أَنَّكَ نَبِيّ!" مُحاولِةً المُراوَغة بالسؤال عن الحقيقة في العبادة.
فأوضح لها:"أَيَّتُها ٱلمَرأَةُ آمِني بي. ... أَنتُم تَسجُدونَ لِما لا تَعلَمونَ، وَنَحنُ نَسجُدُ لِما نَعلَمُ، لِأَنَّ ٱلخَلاصَ هُوَ مِنَ ٱليَهود" كما هو معروف، أليسَ كذلك؟ لكنّه استلحق حاسِمًا بالحقّ: "سَتَأتي ساعَةٌ وَهِيَ ٱلآنَ حاضِرَةٌ، إِذِ ٱلسّاجِدونَ ٱلحَقيقِيّونَ يَسجُدونَ لِلآبِ بِٱلرّوحِ وَٱلحَقِّ، لِأَنَّ ٱلآبَ إِنَّما يُريدُ مِثلَ هَؤُلاءِ ٱلسّاجِدينَ لَه". غير أنّها لم تقبل بِما أَسَرَّ إليها، بل تابعَت بذكاءٍ حادّ: "قَد عَلِمتُ أَنَّ ماسِيّا ٱلَّذي يُقالُ لَهُ ٱلمَسيحُ يَأتي. فَإِذا جاءَ ذاكَ فَهُوَ يُخبِرُنا بِكُلِّ شَيء". وكان الإعلان الإلَهيّ للمرأة كما لمُوسى يومًا: "أَنا ٱلَّذي أُكَلِّمُكَ هُوَ"[ "أنا الكائن" - خروج 3: 14-17.]. وما إن حضر تلاميذ يسوع من المدينة، تركَت لِلتَوّ جرّتها وتوجّهت إلى المدينة مُعلِنةً لناسِها: "تَعالوا ٱنظُروا إِنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت! أَلَعَلَّ هَذا هُوَ ٱلمَسيح؟" لقد تعامَل يسوع معها بنَدِّيَّة وكان وراء قيامها هيَ،كامرأة، بتبشيرهم به مسيحًا على غرار مريم المجدليّة التي بشَّرت بطرس هي أوّلًا بقيامته. فيما تلاميذه (؟!) "تَعَجَّبوا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ ٱمرَأَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَم يَقُل أَحَدٌ ماذا تُريدُ أَو لِماذا تُكَلِّمُها". مُفارَقة؟! يشكر الرجل اليهودي الله في صلواته اليوميّة الثلاث على أنه لم يخلقه إمراة: "شكراً يا الله لأنك لم تخلقني امرأة". ويعتبرها "مستضعَفة، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الذكور ولا يحقّ لها إدارة الرجال في أي مجال من المجالات، كما انها تجلب الإثم للمتديّنين[ موقع: ضِيَا الوطن.]".
" ... لأنّ ٱلخَلاصَ هُوَ مِنَ ٱليَهود"
كان اليهود والسامريّون معًا ينتظرون مجيء الماسيَّا - المسيح. غير أنّ اليَهود كانوا يعتبرون أنّ المسيح يخرج من صُلْب داود[ متّى 1: 1؛ لوقا 1: 32 ...]، الأمر الذي لفَت يسوع المرأة السامريّة إليه: "إنّ الخلاص هو من اليهود". ويرَون في السامريّين[ ورَد في موسوعة"ويكيبيديا" حول تسميتهم ما يلي: "شامريم"(שַמֶרִים)، وتعني "الحراس/المحافظون/المراقبون"، وباللغة العربية "السامريون". يتشابه المصطلح مع المصطلح العبري التوراتي "شومريم"، وكلا المصطلحين مشتقّ من الجذر السامي (שמר)، ومعناه "يراقب، يحرس".] "كفّارًا [ الخلاف بين الفريقَين حول مكان العبادة والصلاة كان واضحًا في كلام المرأة السامريّة. فهُم لا يُصلّون في هيكل أورشليم، بل "لهم هيكلُهم الخاصّ على جبلٍ قرب مدينة نابلس"، كما جاء في عظة المطران كيرلُّس بسترُس يوم الأحد في 18 أيّار/مايو 2025.] ولا تجوز مُخالَطتهم". وكان هؤلاء "لا يؤمنون إلاّ بالأسفار الخمسة الأولى من التوراة"[ راجع عظة المطران بسترُس المُشار إليها أعلاه]".
لكن ما يعنينا هنا هو استقبال السامريّين ليسوع وإيمانُ "كثيرين" به "مُخلِّصًا للعالم"، بعد أن قبِلوا شهادة المرأة:"أَن قَد قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت، وبعد أن أقام عندهم يومَين. بدَعوةٍ منهم. هذا، و"َآمَنَ أُناسٌ أَكثَرُ مِن أولَئِكَ جِدًّا مِن أَجلِ كَلامِه، وَكانوا يَقولونَ لِلمَرأَة: «لَسنا بَعدُ مِن أَجلِ كَلامِكِ نُؤمِنُ، وَلَكِن لِأَنّا قَد سَمِعنا وَعَلِمنا أَنَّ هَذا هُوَ بِٱلحَقيقَةِ ٱلمَسيحُ مُخَلِّصُ ٱلعالَم".
بقي اليهود إلى يومنا هذا ينتظرون مجيء الماسِيّا - المسيح، ومن منظارٍ قَوميّ يهوديّ يحصر الخلاص فيهم لأنّه منهم يَخرج. ويتعامَلون بفَوقيّة وعنجهيّة وعُنصُريّة مع "الأُمَم"، لا بل لا يرَون فيهم أـشباهًا لهُم بل "حيوانات" حقيرة في خدمتهم[ راجع: ايلي جورج قنبر، مقاوَمة استعمار التفاهة، 2025]. في وقت علَّمنا الماسيّا - يسوع أن نُحبّ جميع الناس (متّى فصل 5-7)، حتّى الأعداء منهم (متّى 5: 44)، وأن نُعامل الجميع كما نوَدّ أن يُعاملونا لأنّنا كلّنا بنات وابناء الآب[ راجخ الصلاة الرَبِّيَّة "ابانا"... متّى 6: 9-13]، أي أَخَوات وإخوة بعضنا للبعض الآخَر. آمين!
0 تعليق