نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بريطانيا في مرآة التضخم: صدمة أبريل تُربك الأسواق وتُقيّد يد البنك المركزي - شوف 360 الإخباري, اليوم السبت 24 مايو 2025 10:40 مساءً
قفز معدل التضخم في بريطانيا بشكل مفاجئ إلى 3.5% في نيسان/أبريل، في أعلى قراءة منذ 15 شهراً، ما دفع المستثمرين لتقليص رهاناتهم على خفض وشيك لأسعار الفائدة. وبينما كانت الأسواق تترقب تيسيراً نقديًا في الأفق، جاءت الأرقام كمن يصب الماء البارد على آمال الانتعاش.
بيانات تتحدى التوقعات.. والأسواق تعيد الحسابات
كان من المفترض أن يكون نيسان/أبريل شهر الهدوء، لكن بيانات التضخم الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية فاجأت الجميع. الأسعار قفزت بنسبة 1.2% على أساس شهري، مدفوعة بارتفاع فواتير الطاقة بنسبة 6.4%، وزيادة الرسوم الإدارية المحلية، وتذاكر الطيران التي حلّقت فوق التوقعات بزيادة سنوية بلغت 27.5%.
لكن القصة الأهم تكمن في التضخم الأساسي، الذي ارتفع إلى 3.8%، وتضخم الخدمات الذي بلغ 5.4% — ما يعني أن الضغوط ليست مجرد مؤقتة، بل بنيوية ومتجذّرة في صلب الاقتصاد البريطاني.
رد فعل فوري في الأسواق... والجنيه يتفاعل
ردت الأسواق سريعاً: تقلصت توقعات خفض الفائدة من بنك إنكلترا هذا العام إلى خفض وحيد فقط، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى خفض مزدوج أو ثلاثي. وتراجعت احتمالية خفض الفائدة في أغسطس من 60% إلى 40%، في وقت سجّل فيه الجنيه الإسترليني قفزة قوية إلى 1.35 مقابل الدولار — وهو أعلى مستوى له منذ شباط/فبراير 2022.
رأي
أحمد عزام
الركيزة تهتز: موديز تخفض تصنيف أميركا الائتماني وسط احتجاج البيت الأبيض
قرار موديز لم يكن مفاجئًا لمن يتابع مؤشرات الاقتصاد الأميركي خلال السنوات الأخيرة. فبعد أن خفّضت وكالتا فيتش وستاندرد آند بورز تصنيفاتهما سابقًا (في 2023 و2011)، كانت موديز الوحيدة التي حافظت على التصنيف الأعلى منذ عام 1917 — حتى أتت لحظة الانعطاف هذه.
البنك المركزي في موقف لا يُحسد عليه
في اجتماعه الأخير، خفّض بنك إنكلترا الفائدة إلى 4.25% بأغلبية ضئيلة، وسط انقسام داخلي واضح: عضوان أرادا خفضاً أعمق، واثنان فضّلا إبقاء الفائدة دون تغيير. اليوم، ومع هذه الأرقام الساخنة، بات واضحاً أن البنك قد يضطر لإبطاء وتيرة التيسير.
كبير الاقتصاديين في بنك إنكلترا، هيو بيل، لمّح هذا الأسبوع إلى أن خفض الفائدة "قد حدث بسرعة زائدة" — وهي عبارة مشفّرة تعني: تمهّلوا، التضخم لم يُهزم بعد.
تحديات معيشية وأعباء مالية متزايدة
لا تقتصر تبعات التضخم على البنوك والأسواق. الأسر البريطانية بدأت تشعر فعلياً بثقل تكاليف المعيشة. فواتير المياه قفزت بنسبة 26.1% — في أعلى زيادة منذ عام 1988 — فيما ارتفعت الضرائب المحلية، وتذاكر النقل، وحتى تكلفة السلع الأساسية.
وتأتي هذه القفزات في وقت حساس، إذ فرضت الحكومة زيادات ضريبية جديدة على أصحاب العمل، ورفعت الحد الأدنى للأجور، ما قد يدفع الشركات لتمرير تلك التكاليف إلى المستهلكين. وهجرة الأثرياء تتصدر العناوين.
kaidi
هل سيتراجع التضخم قريباً؟
بحسب تقديرات بنك إنكلترا، قد يبلغ التضخم ذروته في أيلول/سبتمبر عند 3.7% قبل أن يبدأ بالانخفاض التدريجي. لكن مع استمرار الضغوط في قطاعات مثل الخدمات والطاقة، قد تبقى وتيرة الانخفاض أبطأ مما تأمل الأسواق. فالخوف يبدو أنه سيتسلل إلى توقعات مسيّرو السياسة النقدية في بريطانيا.

صورة تعبيرية (وكالات)
حين يعيد التاريخ نفسه
في عام 2008، خلال الأزمة المالية العالمية، بلغ معدل التضخم في بريطانيا ذروته عند 5.2% في أيلول/سبتمبر. اليوم، وعلى الرغم من أن التضخم لم يصل إلى تلك المستويات، إلا أن هيكليته الحالية (ارتفاع الخدمات والسلع) تجعله أكثر تعقيداً من ذي قبل.
في عام 1992، رفع بنك إنكلترا الفائدة إلى 15% في محاولة لمكافحة التضخم وللدفاع عن الجنيه الإسترليني ضمن آلية سعر الصرف الأوروبية. اليوم، لا أحد يتوقع عودة مثل هذه المعدلات، لكن التاريخ يذكّرنا بمدى حساسية الجنيه لتغيرات السياسات النقدية.
علاقة التضخم بسوق العمل
رغم ارتفاع الأسعار، لا تزال معدلات البطالة في بريطانيا عند مستوى منخفض نسبياً يبلغ 4.5%. هذا ما يجعل بنك إنكلترا متردداً في خفض الفائدة، لأنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى تسخين إضافي في الطلب المحلي.
معدل نمو الأجور في القطاع الخاص تجاوز 6% سنوياً، ما يعني أن المستهلكين يمتلكون قدرة إنفاق أعلى، تدفع الأسعار للارتفاع بدورها — وهو ما يُعرف بـ"دوامة الأجور والأسعار".
أثر الجنيه القوي على التضخم
ارتفاع الجنيه الإسترليني إلى قرابة 1.35 مقابل الدولار يعني أن السلع المستوردة (خصوصاً من الولايات المتحدة) أصبحت أرخص، ما قد يساعد في تهدئة التضخم المستورد. لكن في نفس الوقت، العملة القوية قد تُعقّد الصادرات البريطانية، وتضغط على أرباح الشركات الصناعية .فارتفاع الأسعار أصبح أقرب محلياً بسبب العملة المرتفعة وأكثر قرباً بسبب التعريفات الجمركية من الولايات المتحدة بالرغم من الاتفاق الأميركي البريطاني.
اقتصاد يتأرجح بين نارين
بريطانيا اليوم عالقة بين نارين: تضخم يرفض التراجع، ونمو اقتصادي هش يحتاج إلى دفعة نقدية. القرار لم يعد سهلًا أمام بنك إنكلترا، فالبيانات لا تسمح بخفض سريع للفائدة، والأسواق لا تتحمل تأخيراً طويلًا.
وفي هذا المشهد المعقّد المختلط، يبدو أن صانع القرار البريطاني سيضطر للسير على حبل مشدود، حيث الخطأ قد يعني ركوداً... أو فوضى في الأسعار.
**أحمد عزام، رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي، أحمد عزام
0 تعليق