نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فلتكن انتخابات مجلس بلدية بيروت مرآة لهويّة الوطن العلمانية - شوف 360 الإخباري, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 02:10 صباحاً
محمد حلاوي*
بعد مضيّ تسع سنوات على آخر انتخابات بلدية واختيارية، تأتي الانتخابات في شهر أيار/ مايو الجاري في إطار إطلاق مسار تحقيق اللامركزية بهدف تنمية المجتمعات المحلية وتحسين حياة المواطنين.
عشيّة إجراء هذه الانتخابات بدأت تطفو على سطح مشهد المناطق اللبنانية كافة، التحركات والاتصالات لرسم معالم مستقبل كل مدينة أو بلدة أو قرية لست سنوات قادمة. ومن البديهي أن يكون كل مواطن خفيراً في بيئته، ومن حقه بل من واجبه أن يسهم في هذا العمل الديموقراطي سواء في الاختيار أو الانتخاب أو الترشُّح؛ الأمر الذي يتطلب قدراً عالياً من المسؤولية وتضافر الجهود لإدماج الجيل الطالع ذي الكفاءات والنزاهة في معترك الشأن العام بمعزل عن الخلفيات والانتماءات السياسية، الطائفية، المذهبية أو العشائرية وغيرها.
غير أنه لأهداف مصلحية ضيّقة تبرز في عدد من المدن والبلدات مواقف قوى تدّعي الحرص على المصلحة العامة بغطاء طائفي انتهازي، ولا سيما مجلس بلدية بيروت، في ما يتعلق بتأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين من جهة، أو تحقيق التوازن بين صلاحيات المحافظ والمجلس البلدي، الأمر الذي يخفّف - مع الأسف - من أهمية هذا الاستحقاق. فكم من ادّعاءات وطروحات من هذا القبيل، أدّت إلى مراوحة المجالس البلدية مكانها وتراجع الخدمات الإنمائية في نطاقها إلى مستواها الأدنى، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى أشخاص من ذوي الكفاءة والنزاهة والخبرة والإحساس العميق بمعاناة الناس وآمالهم على السواء، فضلاً عن سيرتهم الوطنية الوحدوية.
ويحضرني في هذه المناسبة محافظ بيروت الحالي القاضي مروان عبود المقرون اسمه بالطيبة والنزاهة والشفافية، عندما كان معاوناً للمدعي العام لديوان المحاسبة حيث كانت له القرارات الجريئة في محاربة الفساد والحفاظ على المال العام، وهو اليوم الجندي المتأهب بكل تواضع لتأدية مهماته الوظيفية كمحافظ للعاصمة بيروت دون أي تفرقة بين هذه المنطقة أو تلك أو هذا المشروع أو ذاك، وكأنه واحد من أهلها، غير مبالٍ بأيّ مكسب شخصي بل همّه تحقيق الإنجازات الإنمائية الوطنية. وقد دفعته هذه الذهنية عندما كان رئيساً للهيئة العليا للتأديب أن يطلب نقله إلى مركز أكثر إنتاجية ولو برتبة أدنى ليكون منسجماً مع قناعاته الشخصية، كما صرّح إلى إحدى الوسائل الإعلامية المحلية بشعوره آنذاك، أنه لا يقوم بمهام فعلية، إذ اقتصر عمله في حينه على ملاحقة صغار الموظفين، كما قال في حديثه لإحدى الصحف المحلية بتاريخ 20/9/2020: "لم ألمس تحسّناً ولم يُحل إليّ ملفّ من ملفات الفساد الكبيرة" مستطرداً أنه ملّ عملاً "صار مخصّصاً لمحاسبة الحجّاب ونواطير البلديات وموظفي الدرجة الرابعة، هذا تقاضى رشوة بـ100,000 ليرة وذاك بـ50,000 ألفاً... مصيبة إذا حاكمتهم ومصيبة أكبر إن لم أحاكمهم... واقع أوجع قلبي وفي الوقت نفسه يجب عليّ تطبيق القانون!!".
{adframe width=300 height=250}
الأمر نفسه سبق أن اختبرته مع القاضي عبود حيث كان يولي تقارير التفتيش المركزي التي تُحال إليه بصفته معاوناً لمدعي عام الديوان وافر الاهتمام والتدقيق مبدياً رأيه بتجرد حريصاً على عدم إلحاق الظلم بالموظفين الصغار، ومنها التقارير التي كانت من إعدادي عندما كنت مفتشاً مالياً في هيئه التفتيش المركزي.
وخلاصة الأمر، ألم يئن الأوان للإقلاع عن المتاجرة بحقوق الطائفة والدين عند كل استحقاق وطني، وإحلال الشخص المناسب في المكان المناسب مهما كانت طائفته ومذهبه، والمحافظ مروان عبود الأنموذج الأمثل؟! وما يزال أصحاب الضمير الحي متوافرين ليتحمّلوا المسؤوليات العامة، إذا ما عزمت السلطة السياسية على الإنقاذ والاصلاح الفعليين. وبيروت التي ليست مجرد مدينة، بل هي مرآة الوطن، تستحق أن يمارس أهلها العملية الانتخابية بوعي علماني وطني حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات في سبيل إقامة سلطة محلية إنمائية متكاملة مجلساً ومحافظاً.
فلتكن بيروت نموذجاً في الخروج النهائي من مرحلة التكاذب واستغلال طيبة الناس ومعتقداتهم الدينية بشعارات طائفية ومذهبية مشبوهة لكي تعود هذه المدينة بتنوّعها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، عاصمة للوطن جامعة للبنانيين من كل المناطق والاتجاهات والطوائف والانتماءات، كما كانت أيام الزمن الجميل.
*مفتش مالي سابق
-المقاربة الواردة في المقال قد لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
0 تعليق