نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب يمدّ يده للشرع: تحوّل سياسي حاسم تجاه دمشق؟ - شوف 360 الإخباري, اليوم الخميس 15 مايو 2025 08:05 صباحاً
دمشق - "النهار"
دخلت سوريا مرحلة جديدة ومختلفة. تجاوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع وساطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فتح الباب واسعاً أمام دمشق لكسر طوق العزلة الديبلوماسية والسياسية، بدءاً بلقاء تاريخي مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وصولاً إلى إلقاء عبء العقوبات الذي رزحت تحتها عقوداً عن كاهلها.
قد لا يكون هذا التحول كاملاً أو خالياً من التبعات، وقد يكون مشروطاً وتحت المراقبة، وربما يظل عرضة للانتكاسات في ظل تعقيدات المشهد السوري، لكنه يشكّل مع ذلك فرصة تاريخية، إن أحسنت دمشق إدارة دفتها للعبور من أتون الحرب الأهلية، التي لا تزال بعض مظاهرها قائمة حتى بعد سقوط نظام بشار الأسد، إلى برّ الأمان والسلام.
دلالات اللقاء
يُفهم لقاء ترامب بالشرع كجزء من مشهد أوسع يُعاد رسمه في واشنطن تجاه دمشق، وكخطوة انتقالية ضمن مسار "إعادة تعريف المصالح الأميركية في سوريا"، بحسب ما يقول لـ"النهار" الكاتب والباحث مالك الحافظ. ويضيف: "لا أعتقد أن واشنطن حسمت كل خيوط سياستها تجاه دمشق بعد، لكنها بدأت كما يبدو بالتخلي عن شرطية ورقة المطالب التي كانت حتى وقت قريب بوابة العبور لأي تقارب".
لذا يمكن فهم اللقاء كمؤشر على انتقال أميركا من سياسة "المطالب المسبقة" إلى "إدارة الوقائع الميدانية"، بما يمهّد لسياسة جديدة تنطلق من الاعتراف بالواقع لا من تغييره.
بدوره، يرى الديبلوماسي السوري بشار علي الحاج علي أن اللقاء بين الرئيسين لا يندرج ضمن المجاملات البروتوكولية، بل يُعبّر عن تحوّل حاسم في السياسة الأميركية تجاه دمشق، ويقول لـ"النهار": "الإعلان المفاجئ من الرياض عن نية ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا يؤكد أن البيت الأبيض تجاوز مرحلة التقييم والتحفّظ، وبدأ بالانتقال إلى سياسة الانخراط المنضبط".
ورغم أن الإعلان لم يتحوّل بعد إلى قرار نافذ من الكونغرس أو وزارة الخزانة، فإن توقيته ومكانه يمنحانه وزناً سياسياً وواقعياً كبيراً، خصوصاً في ظل العاصفة الإقليمية الحالية. إنها رسالة صريحة مفادها أن واشنطن تكاد تحسم خياراتها، وتفتح الباب لسوريا جديدة ضمن هندسة نفوذ تعيد التوازن في الشرق الأوسط.
ويتفق الحافظ والحاج علي على أن اللقاء يحمل بذور اعتراف غير معلن بالسلطة السورية الموقتة. ويوضح الحاج علي: "الشرع لم يُعامل في الرياض كرئيس أمر واقع، بل كطرف معترف به، يلتقي رئيس الولايات المتحدة في أول لقاء علني بينهما".
ويأتي هذا اللقاء بعد أشهر من التجميد الأميركي لشرعية دمشق الجديدة، تجلّى في تخفيض مستوى تأشيرات الوفد السوري في نيويورك، ما يجعل من لقاء ترامب انقلاباً هادئاً على موقف سابق، وإعادة تعريف لمكانة السلطة السورية الانتقالية.
ويشير الحافظ إلى أن اللقاء يحمل دلالة رمزية - سياسية، لكنه لا يُشكّل اعترافاً كاملاً ونهائياً، بل "اعتراف تفاوضي" مشروط بتطور العلاقة. ويلفت إلى أن التحوّل الأخير قد يعكس انتصاراً نسبياً لجناح وزارة الخارجية الأميركية ومراكز التفكير الداعية إلى "الواقعية السياسية"، لكنه يضيف أن المؤسسات الأمنية والاستخباراتية لا تزال أكثر تحفظاً، وتتعامل مع دمشق كملف "غير مضمون العواقب"، لا سيما في ظل الهيكلية السلفية للسلطة الحالية.
kaidi

سوريون يحتفلون بإعلان ترامب رفع العقوبات عن دمشق. (ا ف ب)
العقوبات لم تعد أداة ضغط
أما بشأن العقوبات، فيرى الحاج علي أن إعلان ترامب نيته رفعها يشير إلى أنها "لم تعد أداة ضغط، بل باتت ورقة تفاهم تُعاد برمجتها لخدمة مصالح استراتيجية أوسع". ويوضح أن رفع العقوبات بات جزءاً من صفقة سياسية تهدف إلى إعادة سوريا إلى المدار الأميركي، وتقليص النفوذ الإيراني والروسي.
من جهته، يشير الحافظ إلى أن المسار العقابي الأميركي يتبع عادة منطقاً مؤسساتياً معقداً يتطلب توافقات حزبية، لكن اللقاء قد يفتح المجال أمام "استثناءات تشغيلية" أو إعفاءات محدودة تحت مظلة العمل الإنساني أو إعادة الإعمار.
وفي هذا السياق، يقول السياسي السوري الأميركي أيمن عبدالنور، بعد اجتماع ضمه إلى خبراء في البيت الأبيض، إن الجهاز البيروقراطي الأميركي والكونغرس "بحاجة إلى وقت لهضم التغيير"، متوقعاً أن تبدأ صدور إعفاءات جزئية خلال أسبوع أو عشرة أيام، فيما سيستغرق تعديل القوانين الكبرى، مثل "قانون قيصر" و"كبتاغون"، أكثر من عام، إلا أن الرئيس يمكنه تعليق تنفيذها لمدة 6 أشهر.
ويشدد عبدالنور على أن رفع العقوبات لا يعني رفع التصنيف عن "هيئة تحرير الشام"، وأن الرقابة الأميركية ستظل مشددة لضمان عدم وقوع المساعدات بأيدٍ غير مرغوبة.
لا مسارات سياسية واضحة
من جانبه، يرى الديبلوماسي السوري السابق عزت بغدادي أن السياسة الأميركية لا تزال "غير مكتملة الملامح، وتميل إلى إدارة الأزمات بدل معالجتها"، معتبراً أن سوريا تُدرج حالياً في سلة تدخلات تستخدم أدوات إنسانية وتقنية بلا مسارات سياسية واضحة.
ويشير إلى أن ما أعلنه ترامب يبدو أقرب إلى توظيف رمزي في سياق زيارة خارجية، وقد يكون استجابة لطلبات إقليمية. ويعتبر بغدادي أن التعامل مع هذه التصريحات كتحول استراتيجي يعكس قراءة رغبوية، محذراً من رفع سقف التوقعات ودفع الإدارة السورية الناشئة نحو قرارات غير محسوبة.
ويرى أن هذا المناخ غذّى شعوراً بالشماتة والاستقواء السياسي، في لحظة تتطلب التهدئة وبناء الثقة، منبّهاً من أن "ترك هذا السلوك من دون ضبط قد يوسع الانقسامات ويقوّض فرص التماسك الداخلي".
0 تعليق